الثلاثاء، 15 يناير 2019

مملكة الأحزان


رَضيتُ وأقدار الهوى غيرُ راضيهْ
وأحببتُ من في الدارِ والدارُ خاليهْ 

وأصبحتْ كالمسجونِ في كهف يأسِهِ  
يحاصرُهُ  اللاشيءُ من كلِّ ناحيهْ 

أفتّشُ عنها في الدياجي وأشتهي 
وصالاً ولم أُدرك إلى اليومِ ماهِيَهْ 

ومن عَشِقَ اللاشيءَ يوماً فقد بنى 
لهُ في الأسى قبراً وفي النارِ زاويهْ 

أنا ملِكُ الأحزانِ أسّستُ دولتي 
ونصّبتُ آلامي على كلِّ ساريهْ 

فهاكُم كؤوسَ الحبِّ لا شأنَ لي بها 
فلا أنا ظمآنٌ ولا البئرُ صافيهْ 

ولا جبلُ التوبادِ يُقري ضيوفَه 
ولا ذاك قيسٌ فيه يُحصي لياليَهْ 

ولا لدموعِ العشقِ فينا مآقياً  
ولا لقتيلِ العشقِ في ديننا دِيَهْ 

ولا ضيرَ إن أدبرْتُ في الحربِ مرةً 
ولا ضيرَ إن أدبرْتُ في الحربِ ثانيهْ 

فقد كنتُ في أرض القتالِ بمفردي 
وسلمى وألوانُ السماءِ ثمانيهْ

أفضّلُ أن أبقى غريباً فما الهوى 
سوى قصرِ إذلالٍ، وعبدٍ، وجاريهْ

دَعُوني ولا تؤذوا فؤادي فإنهُ 
ذكيٌ تلقى مكرَه  عن معاويهْ

ولي من همومِ الملك ما لو أحلتُها 
سنيناً لَعِشتُ العمرَ من غيرِ قاضيهْ 

يجيءُ الهوى حيناً إليّ ضفائراً
لها رأسُ شيطانٍ بأثوابِ داعيهْ 

يواعدنَ  سِرّاً كلّ همِّ ومأتمٍ 
ويسقينناهُ  كلّ يومٍ علانيهْ 

فلا تشربوا مما جلبْنَ من الهوى 
فثمة سُمّ في لمى كلِ ساقِيَهْ 

وأظلمُ من ليلِ النّوى شَعرُ غَضّةٍ 
وأحرقُ من نار الجوى صدرُ راعيهْ 

وأول ما أخشاهُ منها : عيونَها 
وآخر ما أخشاهُ : ليلاً وهاويهْ 

ألا أيها الصبحُ  الذي لا أُحبّه 
أنِخْ ناقتي في الليلِ حتى أُناجيَهْ

أعِدْ خافقي يا ليلُ ما عاد ليْ الغرامُ 
مغزىً  وما أرجوه مُلكاً وعافيهْ

#أنس_الحجري
























السبت، 12 يناير 2019

إلى سام - ماذا عن القوم



ماذا عَن القوم؟! لا عادُوا، ولا وَصَلُوا
ولا عَلِمنا بأيِّ الأرضِ قد نَزَلوا

هل أحرَزوا النصر؟ أين الريحُ تُخبرنا
ما عادت الريحُ بالأخبارِ  ترتحلُ

زادُوا على تَعَبي خَوفاً ومَسكَنَةً
جادُوا عليّ، ألا يا ليتهم بَخِلوا

يا سامُ أَسألُ نفسي مَحضَ أسئلةٍ
أرجو الجوابَ، ولكن تَبخَلُ الجُملُ

يَموت فيها كلامُ الشعر في لغتي
وفي شفاهِ العذارى تُنحَرُ القُبَلُ

ماذا أقولُ لِصنعا حين تسألني
عنهم، أَلَم تَدرِ صنعا أنهم ثَمِلُوا؟

تبكي وتندب قوماً كلما خرجوا
من مَعبرٍ مظلمٍ في مِثلِهِ دَخلوا

كأنهم وسْط نارِ الحرب موقدُها
في الأرض، ما خُلقوا إلا لِيقتتلوا

يا سامُ قُم لترى صنعاءَ منهكةً
طغى عليها الفتى الملعونُ والعِللُ

تدورُ حولَ مفاهيمٍ مُزيفةٍ
كما تَدورُ  على العصّارةِ الإبلُ

يا سامُ قُم لِتَرى صنعاءَ مُوجَعةً
تُبدِي الدموعَ، فَتُبدي صَمتَها الدولُ

بكاؤُها اليومَ يُبكي كُلَّ ذي خلدٍ
وخلفهُ نفخةٌ يَرمِي بها الأزلُ

وأنتَ تَسكن في قبرٍ، وتترك ما
بَنيتَ، والأرضُ جرحٌ ليس يندملُ

يا سامُ قُم لترى صنعاءَ، إِنَّ بها
قوماً يزيدون جوعاً كلما أكلوا

ذئبٌ تَذمَّر مِن ظُلم الحياةِ، ومن
جَورِ القويِّ وفي أنيابهِ حَملُ

لا شأنَ لي بعليٍّ أو معاويةً
ولا بمن رفضوا حكماً ومَن قبِلوا

شيخٌ يُفتّش في التوراةِ ليس له
شغلٌ سوى المدحِ في أمجادِ مَن رحلوا

أتى لِيُشبعَ جُوعِي ثم أشبعني
مَوتاً، وها أنذا في القبر احتفلُ

أتى يُضمّد جرحي ثم وسَّعَهُ
نجاسةٍ بلعابِ الكلب تَغتَسِلُ

تقولُ صنعا بأن الحظَّ يكرهُها
وإن  دَنَت مِن سبيلٍ أغلِقت سُبلُ

قالت لنا:  ذاك ربي، ذاك أكبرُهُم
جهلاً بهم، ثم تابَت بعدما أفلوا

المشتري بائعٌ،  والأرضُ واقفةٌ
قل لي لمن تنشد الأشعارَ يا زُحلُ؟

هم يَكذبون عليها كلما نَطَقوا:
نحن العروبةُ يا صنعا..  ونَحن أُولُو

سنَقتل الظلمَ غدراً لا مقارعةً
وحين تؤمِنُ صَنعا تَكفُرُ الحِيلُ

وحين تَسمعُ ما قالوه يُخجلها
سَماعُهُ، والذي قالُوهُ ما خَجلوا

يا سامُ قُم لِترى صنعاءَ أغنيةً
بغى على لحنِها التقليدُ والمللُ

كانت تفوحُ بطِيبٍ ثم حوّلها
إلى دُخَانٍ، وأضحى يُضرَبُ المَثلُ

الداءُ من جهةٍ، والفقرُ من جهةٍ
والشَّرُّ مُنفَتحٌ، والخيرُ مُنقَفِلُ

ما  للظفائر يا بلقيسُ تأكلها
نارٌ بها هذه من تلك تشتعلُ

عودي كما كنت أُمّاً كي أعودَ أباً
منك البخور ومني البنُّ والعسلُ

يا مَن يُعلمني  نحواً وتَوريةً
تعال أخبِرْكَ ماذا يَصنع البَدلُ

لا تَحسبِ الأرضَ عن إنجابِها عَقِرت
مِن كُلِّ صَخرٍ سَيأتي لِلفِدا جَبَلُ

فالغصنُ يُنبتُ غصناً حين نَقطعه
والليلُ يُنجبُ صبحاً حين يَكتملُ

سَتمطر الأرضُ يَوماً  رغم شِحّتِها
ومِن بطونِ المآسي يُولَدُ الأملُ

النفخة الثالثة

النفخة   الثالثة   وانتهتْ   رحلةُ   الأسى   يـا   بـرايـا   خبؤوا   في   فم   الدخان   الوصايا   أرسلتني   الريـاحُ   فيكم   ...